صحيفة الرائد 30 / 05 / 2010 04:42:00 بقلم/ صلاح الدين عبدالحفيظحجم الخط:
الكثير من رموز الفن والغناء السوداني هم في عداد المجهولين لمستمعي الغناء، ناهيك عن الذين لم ينتموا للسودان أصلاً. ومنهم بالطبع شعراء عرب دخلوا بقوة لتشكيل جزء من تراث الغناء السوداني.
يبرز من بينهم الشعراء الأقدمين. يزيد بن معاوية (نالت على يدها) ألحان وأداء عبد الكريم الكابلي و(الصباح الجديد) و(أسكتي يا جراح) للشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي، وكذلك الشاعر المصري العراقي مصطفى عبدالرحمن صاحب (أمة الأمجاد) والتي تغنى بها أولاً حسن خليفة العطبراوي، وأخيراً في بداية السبعينات الثنائي الوطني يوسف السماني ومحمد حميدة. غير أن من أوائل الأغاني التي ظهرت في بدايات الخمسينات، وتحديداً في العام (1954م) لشاعر عربي كانت أغنية (يوم البحيرة) التي تغنى بها الفنان عبدالدافع عثمان. وهي القصيدة التي نشرت بمجلة الرسالة القاهرية، لناشرها ورئيس هيئة تحريرها الأستاذ الأديب علي أحمد باكثير. كان أن وجد الملحن الأستاذ عربي الصلحي هذه القصيدة بمجلة الرسالة أيامها، وكان وفقاً لحديث الراحل عبدالدافع عثمان. أن هذه القصيدة لحنها الأستاذ عربي الصلحي وقال لعبد الدافع بالحرف الواحد. هذه الأغنية ستجعلك على القمة، فكانت بالفعل معبراً جديداً للفنان عبدالدافع عثمان نحو القمة التي ذاقها من قبل عبر أغنيته (مرت الأيام). حين غناها من على الأثير الإذاعي لم يصدق الناس أن العبقرية اللحنية السودانية من الممكن أن تقوم بما قامت به من خلال ألحانها. وكذلك أداء عبدالدافع عثمان لها. فظلت حتى الآن تذكاراً لغناء العباقرة في زمن الغناء المعتق. فمن هو هذا الشاعر العربي. علي أحمد باكثير؟: هو علي أحمد باكثير من المنتمين إلى الحضارمة باليمن الشقيق والذي كانت ولادته باندونيسيا في مقتبل العقد الثاني من القرن الماضي. وهو أحد عمالقة الإبداع الأدبي واللغوي فيكفيه أنه كتب القصة القصيرة والشعر والدراسة النقدية، بجانب معرفته الجيدة للغة الإنجليزية والفرنسية ساعده في ذلك سعة أفقه وبقائه (بمشروع الثقافة) مصر التي وصلها في تاريخ باكر من سنوات الأربعين فكتب كذلك إضافة للشعر والقصة مسرحيات شعرية ونثرية منها: (فاوست الجديد)، و(مسمار جحا)، و(دار ابن لقمان)، و(هاروت وماروت)، و(الحاكم يأمر الله) و(الفلاح الفصيح). كتب كذلك ثلاث روايات وهي (الثائر الأحمر) و(أسلاماه) التي نالت جوائز عديدة بعد تحويلها لفيلم سينمائي في (1959م) كتب كذلك عدداً من الدواوين الشعرية (أسرار الدبي)، و(سحر عدت) و(صبا نجد). تعتبر مسرحيته (إمبراطورية في المزاد) واحدة من أعظم المسرحيات التي مرت على تاريخ المسرح العربي، وكان أن ترجمت لعدد من اللغات. ومن عجب أن أغنية (يوم البحيرة) هي التي فتحت آذان وعيون الصحافة المصرية على جانب آخر من إبداعاته بعد غناء الراحل عبدالدافع عثمان لها. كذلك فقد كانت مسرحيته (حبل الغسيل) واحدة من المسرحيات التي أثارت جدلاً كثيفاً حول أبعادها الواضحة سياسياً واجتماعياً. تجلت عبقرية الفن والإبداع السوداني في تحويل قصيدته المنشورة بالرسالة القاهرية في (1952م) إلى غنائية سودانية شكلت منعطفاً مهماً في الغناء السوداني للغتها الفصيحة وتطريبها العالي. إن رايتي الصبح يفضي لك سحراً فاذكريني واذكري يوم البحيرة يوم أقبلتي وفي يمناك زهرة قد حكت في وجهك الوضاح ثغرة ونسيم الصبح يهدي لك سحراً والندى يكسو وجوه الزهر نضرة لم أعد أذكر إلا أن نظرة أشعلت في قلبي الولهان جمرة وأثارت في حنايا الصدر زفرة وأسالت من سواد العين عبرة
|